الأحد, 12 أبريل 2015
زلزال العقول

غداً تعلن النتيجة

قسم: زلزال العقول
أضيف بتاريخ: 12 أبريل 2015

المستقبل هو حصاد فعل اليوم

كانوا يتحلقون حول لوحة الأسماء، تتسابق عيونهم في رصد النتائج، كنت هادئاً… مبتسماً… أمازح الزملاء، سألني أحد الواقفين متعجباً!! ألست قلقاً على النتيجة؟؟!! أجبته بالنفي… إنها نتيجة صديقي..أتمنى له التوفيق، لكنني لن أستطيع مساعدته في هذه اللحظة كي ينجح، أرجو له أعلى الدرجات، لكنه رهين دراسته وجهده الذي بذل.

إن نتيجة اليوم ليست إلا حصاد نمط تفكير وجهد الأمس، والواقع الذي تحياه المجتمعات هو حصاد عمل السابقين في العقود الماضية، ونتيجة امتحان مذاكرتهم، إنه حصاد أطروحاتهم ومشاريعهم ومعاركهم وانتصاراتهم وإخفاقاتهم، ما نراه اليوم هو محصلة ما قام به جيل سابق من ثلاثين عاماً أو يزيد، ونمط تفكيره هو الذي خلق واقع اليوم بحلوه ومره.

إن أي محاولة من الجيل الحالي لتحسين النتيجة بشكل مفاجيء وسريع تبدو ضرباً من ضروب الخيال، فقوانين الفعل الاجتماعي لا تحابي أحداً، فأحداث اليوم هي حصاد تفاعل الأجداد مع احتياجات مرحلتهم، وهي أجوبتهم على أسئلة الامتحانات التي خاضوها، وهي مستقبلهم الذي شكلوه طوعاً أو كرهاً ليصبح واقعنا، ومحاولة الشباب للتدخل فجأة في أحداث هذا الواقع -طمعاً في الحصول على نتائج سريعة- تبدو فكرة عبثية، فالشباب لم يزرع بعد كي يحصد، واليوم هو يوم حصاد الأجداد.

لا أرى أي فائدة من أن يبكي الجيل الحالي وضعاً لم يصنعه هو، أو أن يتخيل أنه رسب في الامتحان، إنها نتيجة امتحان آبائه، وليست نتيجته هو، فهو بالكاد يسطر أول فصول ملحمته الحضارية، وعليه أن ينظر للأمام، وألا ينشغل بالدخول في بقايا معارك الماضي التي تشكل نهاية حقبة من تاريخ المجتمعات، خاضها أطراف مختلفون، ولم يكن الجيل الحالي يوماً ما واحداً من هذه الأطراف، ولا أراه مضطراً أبداً لتضييع جهده وعمره في خوص معركة خاسرة.

وإذا أراد الشباب أن يصنع مستقبلاً مشرقاً، فليعلم أن هذا المستقبل مرهون بفعل اليوم والأفكار التي ستُطرح فيه، ومرتبط بإبداع الأدوات التي ستجعل من هذه الأفكار واقعاً في المستقبل، ومعتمد على المشاريع النوعية التي ستخلق الغد المرتقب، وعلى الشباب أن يوقن أن مستقبله سيصنعه هو وليس آباؤه، وأن الإجابة على الإمتحان بنفس طريقة الآباء ستكرس النتيجة ذاتها، لذلك عليه أن يُعد أجوبة جديدة، وينتج عالمه الجديد، ببذل الجهد في طرح الرؤى والأفكار وإطلاق المشاريع المستقبلية. إن احتضان المستقبل أولى من التشبث بالماضي، وصناعة النجاح أولى من محاولة ترميم حالة من الماضي عجز صانعوها عن تغييرها بعد أن أُعلنت نتيجة امتحانهم..!!

وبعد أن يستوفي الجيل الحالي جهده، ويعمل عقله، ويخرج بأشكال الفعل التي تصل به إلى المستقبل، ويلمح ولادة جيل جديد؛ سيأتي حتماً يوم إعلان النتيجة، فإما أن يحقق مستقبله الذي تمنى، أو أن يكتب وصيته للجيل الذي يليه: "أبدعوا أشكالاً جديدة، وغيروا نمط تفكيركم حتى تصلوا إلى معادلة الفعل الصحيحة في ساحة التحول الحضاري، ولا تشتركوا في بقايا معاركنا، فإننا في الرمق الأخير"..

وائل عادل

25/3/2007


اترك تعليقك




جميع الحقوق محفوظة لـ أكاديمية التغيير Academy Of Change | تصميم وتطوير: سوا فور، المؤسسة الرائدة في تطوير تطبيقات الويب.