السبت, 17 يناير 2015
أهم الأسئلة حول الأكاديمية

أهم الأسئلة حول الأكاديمية

أضيف بتاريخ: 17 يناير 2015

ما طبيعة عمل الأكاديمية؟

ما علاقة الأكاديمية بالثورات؟

هل يستمر التدريب بعد الثورات؟

كيف تمول الأكاديمية أنشطتها؟

 

ما طبيعة عمل الأكاديمية؟

 

 الأكاديمية مؤسسة علمية تعمل في مجال دراسات استشراف المستقبل. وهو مجال واسع، تركز فيه الأكاديمية على قضية بناء المجتمعات القوية، تتناول ذلك بالدراسة، والبحث، والتدريس، والنشر …الخ، وهو من المجالات العلمية المتعارف عليها عالمياً.

 

إن تطور البشرية في المستقبل وتقدمها، مرتبط بقدرة المجتمعات الإنسانية على إيجاد واستخدام قاعدة علمية قوية، العلم الذي يلزم لمجتمع مدني قوي، يختار أداة تنفيذية قوية، تابعة له، وليس لها تبعية لمجتمع خارجي أو دولة عظمى، بل تعمل نداً بند مع أقوى المجتمعات البشرية على إيصال إسهامات مجتمعها إلى الأسرة العالمية.

إن أولى الخطوات العملية هي تحرير كل المجتمعات الأرضية من قوى الاستبداد والظلم والدكتاتورية، وليس أنفع من مجابهة هذه النظم العنيفة من نضال سلمي لاعنيف، يضمن تخليص المجتمعات من طغيان الأفراد والمجموعات، وبناء المجتمع القوي القادر على إدارة شئونه، مقدماً نموذجاً حضارياً سواء في طريقة التغيير أو في شكل المجتمع الذي ستنتجه تلك العلوم.

ومجالنا بهذا لا يتوقف عند حدود دولة، أو ثورة هنا أو هناك، ولايستهدف بلداً أونظاماً بعينه، فالعمل العلمي عابر للقارات، لا وطن يحده، إنه يشمل وضع تصور لكوكب الأرض لبناء عالم أفضل، وتطوير تكنولوجيا العمل السلمي التي تقي العالم كله ويلات العنف، دون التشدق بالسلام مع إنفاق المليارات لتطوير تكنولوجيا عنيفة لاتنفع الأرض، بل تهدد بقاءها، ولاتساهم في تطورها وتقدمها، بل تعمل على فنائها.

نحن مؤسسة من مؤسسات فريدة في العالم تسبح بجسارة ضد موجة تيار عالمي بائس مدعوم حكومياً ودولياً، يغذي العنف والعنصرية، لذلك قررنا أن نساهم في تشكيل المستقبل الجديد، واللغة الجديدة للعالم، ونشارك في الحدث العظيم الذي سيغير وجه العالم.

 يستلزم عملنا هذا الاهتمام بتحرير العقول من أسر اليأس، وتغيير أنماط التفكير المعيقة للتعامل مع قضايا التغيير، فقيود التغيير وعقبات التقدم تكمن في العقل، وليس الواقع. كما يستلزم منا بحثنا العلمي تدريس المنتج العلمي ونشره عبر الآليات الأكاديمية للمتخصصين، والوسائط الدارجة للمثقفين مثل الكتب والأفلام والدورات التدريبية، مع الحرص على تقديم المواد في قالب سهل، بعيداً عن اللغة العلمية المعقدة. وقد تمكنا حتى الآن من الوصول بمادتنا للناطقين بالعربية والإنجليزية، ونسعى في مرحلة قادمة لاعتماد لغات أخرى مثل الفرنسية، والتركية، والألمانية.

 

 

ما علاقة الأكاديمية بالثورات؟

 

سؤال الثورات والأنظمة هذا سؤال من الماضي، لا علاقة له بالمستقبل، قمنا بإلإجابة عليه في أدبيات ودراسات الأكاديمية منذ مايقرب من ثمان سنوات، عندما وجدنا حاجة المجتمعات لبنية علمية حول التغيير ترشدها في دروب الحيرة، وتنتشلها من سطوة اليأس من التغيير أو اللجوء للعنف، لذلك كان محور دراساتنا حول تمكين المجتمع المدني من التحكم في القوة السياسية. وما ينشر اليوم من أعمال هو من أجوبة الماضي، وصدى تاريخي لجهد علمي وبحثي وتدريسي قمنا به، على مدار ثمان سنوات مضت.

لا يخطط للثورات من داخل الأكاديميات العلمية، قد تبشر بها المؤسسات العلمية باعتبارها نبوءة مؤكدة يدعمها العلم، أو قد يتركز دورها في دحر ظلام اليأس بنورالعلم، فالعلم يحل ألغاز الواقع، ويساعد العقل في ابتكار وسائل الوصول للمستقبل. العلم يساعد الإنسان على الحلم، أي أن يرى واقعاً غير الذي يعيشه. واقع تكمن فيه الفرص، وتُكتشف فيه قوانين جديدة للفعل، وتتجلى أدوات التغيير بوضوح منثورة في الواقع.

وعندما تثور الشعوب جراء مظالم واقعة بها، يبحث المستبدون عن أي حيلة ليقنعوا الشعوب أنهم لم يثوروا، لقد كانوا مجرد دمى في يد آخرين، وقد تنطلي هذه الحيلة على البعض، لكن سرعان ما يستعيدون وعيهم. ليستردوا الثقة في أنفسهم، قائلين للديكتاتوريات، الشعوب لم تركع، ولم تفسد فطرتها السلمية في ظل حكمكم، يمكن أن تثور من تلقاء نفسها، والثورات لا تتطلب إذناً من أحد، وفي هذه الأثناء يظل كل ديكتاتور كافر بشعبه يؤمن بوجود أصابع خفية، يبحث عن مجرد أصابع، ولا يبصر ملايين الوجوه الغاضبة. 

 ولأن سؤال التغيير اليوم تجيبه الشعوب عملياً، لم يعد من أولويات الأكاديمية مثلما كان منذ ثمانية سنوات أن تكرس جهودها لإجابة السؤال، ما يعنينا اليوم هو الإجابة على أسئلة المستقبل التي ستثور في الأذهان بعد مايقرب من خمس سنوات من الآن. بالإضافة إلى الاستمرار في تدريس حصيلة معرفة وتجارب السنين الماضية، ليصبح العلم درعاً للمجتمع، يحميه من أي انتكاسة للوراء.

 هل يستمر التدريب بعد الثورات؟

لإجابة هذا السؤال، دعونا نبدأ من النهاية: هل نريد أن تنتهي مشاريع التغيير إلى مجتمعات قوية أم ضعيفة؟

بنظرة إلى المجتمعات القوية من زاوية التدريب؛ نجدها تسعى لأن تكون قوية بتقوية كل أطرافها، فهي تسعى لإيجاد حكومة قوية، وجيش قوي، وأمن مستقر، ولا تحاول فعل ذلك بإضعاف باقي مكونات المجتمع. بل تفخر بأداء أفرادها ومؤسساتها المدنية واستمرار تنافسهم ومحاولات تسجيلهم للأرقام القياسية عبر التدريب والممارسة، ولا ترى في ذلك تهديداً لنظامها. فالمجتمع  يتطور بالمبادرات المتنوعة والتدريب في كل مجال، فالتدريب في الرياضة، والاقتصاد، والبحوث، والسياسة، والمعارضة، والأمن، والخدمات المدنية، والطب، والهندسة…الخ مرغوب فيه، والبراعة في أي من هذه المجالات لا يهدد أمن الدولة وقوتها، بل هو مطلوب فيها كلها.

ومن المجالات الحيوية التي تتطلب خدمة علمية، وتدريس مستمر، وتدريب متواصل، مجال تحصين الشعوب من القابلية للاستبداد، ترى كم مر على الثورتين الفرنسية والأمريكية؟ لماذا لا تزال علوم اللاعنف تتطور فيهما بفعل مؤسسات وباحثين يعملون بدأب في تلك المجالات، ويدربون عليها، ويخرجون تلاميذ فيها، ولم تتساءل فرنسا أو أمريكا عن جدوى الاستمرار في تدريس وسائل تضمن أن تحتفظ الشعوب بقوتها، رغم مرور قرون على الثورتين.

إن ثقافة التغيير لا تنتهي في المجتمع القوي بانتهاء ثورة، فالثورة لحظة ميلاد للشعوب لتبدأ طريقها، وتحافظ على حقوقها، ولن تكون لحظة الإطاحة بالديكتاتوريات لحظة وفاة للشعوب، بل بداية حياتها المحصنة ضد عودة الديكتاتوريات والتخلف، عبر الوعي والفهم والتدريب لتأسيس نظام سياسي يحترم الإنسان، وحكومة تخدمه، وجيش يحميه، ودولة تعمل من أجله، بعد أن كان الإنسان هو الذي يعمل من أجل ترسيخ نظام دكتاتوري مفسد وفاسد.

وتقاوم الديكتاتوريات العلم بتخويف الشعوب من التدريب الملازم له، فتعزف أبواقه الرسمية، ومؤسساته الإعلامية على أوتار تخويف المجتمع وإضعافه، فالتدريب لامبرر له، والرأي المخالف مارق بأجندة خارجية، وليس في الخارج أو في الداخل إلا من يعمل لتركيع الوطن، إلى آخر ذلك من الأقوال والأفعال التي لم يعد لها مكان في حاضر الدول التي تنهض بالثورات الآن، فضلاً عن مستقبلها.

 إن المجتمعات التي قطعت شوطاً كبيراً على طريق التحرر من الديكتاتورية عليها أن تجعل العلم دعامة قوتها في كل مجال، ومنها علوم التغيير، التي تبحث في مكانة الإنسان ومكانه في المجتمع، وكيفية تطوير وسائل حضارية لمواجهة الدكتاتوريات والحصانة منها. وتبرع فيما تقدمه، وتنافس عالمياً في هذا المجال فخورة برصيد تجربتها العملية، لتصدر العلم والخبرة إلى البلاد المتطلعة لتقوية مجتمعها، وتتبنى النابهين في كل مجال، دون أن تشعر أنهم تهديد لها.

 

كيف تمول الأكاديمية أنشطتها؟

للأكاديمية فلسفة في كل عملها، فلسفة تعمل على خلق المجتمع القوي الواثق، وهكذا طورنا وسائل تمويلنا وصممنا دورة تدريبية أسميناها "فن البدء من العدم"، ونشجع السائل عن تمويلنا أن يحضر هذه الدورة ليعرف كيف يبدأ مشروعاً ناجحاً قد يبدو للوهلة الأولى أنه لايملك المقومات اللازمة لنجاحه، ومنها التمويل المالي.

بدأت فلسفتنا فيما يتعلق بالتمويل على استراتيجية استثمار الوقت والموهبة (فكرة بنك الوقت منتشرة في أماكن حول العالم وتعتمد على عملة الوقت وليس المال)، حيث أن العمل اليومي لأي إنسان غالبا ما يترجم إلى قيمة مادية، وفي نهاية يوم العمل تبقى الفرص مفتوحة أمام الشخصية الواعية التي ستُحَصّل هذه القيمة المادية.

وهكذا قررنا في الأكاديمية أننا سنقوم بالتركيز على العمل الذي نريد أن نقوم به، وسنستثمر في هذا العمل أوقاتاً، نحولها إلى أموال.

بدأنا هذه التجربة بمحاولة الحصول على مال من انتاجنا من الكتب التي نشرناها بالتعاون مع الدار العربية للعلوم، والتي قيمت فكرتنا بأنه إنتاج متميز يتوقع له النجاح تسويقياً، وأثبتت هذه التجربة لنا أن الكتب لن تترجم لنا بمبالغ مالية، فلم تتمكن الكتب إلا من تغطية نفقاتها.

بدأنا بتجربة أخرى وهي التدريب على منتجنا، فبدأنا التدريب مجانياً منفقين عليه من وقتنا والقليل من المال الذي وفرناه من جيوبنا الخاصة، ثم بدأنا بإقامة الدورات التدريبية برسوم رمزية، وطورناها إلى قصيرة الأمد، ومتوسطة، وطويلة، وأثبت ذلك عندنا أن التدريب يترجم الوقت الذي نصرفه فيه إلى مبالغ مالية تغطي نفقات التدريب وتفيض عليها للصرف على أنشطة علمية أخرى.

كانت هذه فلسفتنا، حتى وصلنا إلى القدرة على انتقاء ما الذي نفعله، مما مكننا من الحفاظ على مهمتنا العلمية التي وطننا أنفسنا على القيام بها، واستثمار العائد منها. وقررنا الاعتماد على تحويل مجهودنا إلى مال، وألا نلجأ إلى أي دعم من أي حكومة أو جهة.

وهكذا جاءت تجربتنا متناسقة مع فلسفة تكوين المجتمعات القوية التي لا تعتمد مؤسساتها على تمويل مالي، داخلي أو خارجي ، فهي مؤسسة قوية بقناعة أفرادها وفلسفتهم وتفانيهم كفريق عمل لصالح مشروعهم.

فأكاديمية التغيير مشروع حياة عاشه ثلاثة أشخاص، يوجد مثلها في الوطن العربي ملايين المجموعات والشخصيات، استثمرنا فيها أوقاتنا، بإمكانياتنا المادية البسيطة، فبدأنا كموقع إلكتروني، ثم كان لاستثمار هذا الوقت عائداً مادياً من خلال الدورات التدريبية، التي تعقد برسوم، وقليل منها يتم إعطاؤه مجاناً.

التكلفة الإجمالية لمشروع من هذا النوع ليست كبيرة، خاصة مع استراتيجية التطوع السائدة، والعمل عن بعد، فلدينا مستويين من العمل في الأكاديمية، مستوى التطوع، ومستوى المكافآت الرمزية.

مجال الدراسات قائم على التطوع والمكافآت الرمزية.

ومجال التدريب قائم على الدخل الذي يردنا منه، فقليل من دورات الأكاديمية مجانية.

ومجال الإعلام قائم على التطوع.

أما مجال النشر والطباعة فقائم على شراكات مع دور النشر، بحيث يمول مشروع الطباعة نفسه.

كان من أهم نتائج هذه التجربة، انتشار الأفكار من خلال المبادرين الذين يقتنعون بها حول العالم، وهم في الغالب أناس لا نعرفهم، لكننا نلمس أثرهم في بلدان كثيرة. هؤلاء هم الداعمون الأساسيون للمشروع، الذين يتبنون الأفكار لاقتناعهم بها، وينشرونها على أكبر نطاق ممكن يفوق توقعاتنا. إنها استراتيجية من شأنها أن تزيد الشركاء في المشروع حول العالم.

وقد أثبتت هذه الاستراتيجية فاعلية، ولا تزال أكاديمية التغيير تعمل على أساس التطوع والمكافآت الرمزية. ربما يعجب البعض من إمكانية تقديم نموذجاً على هذا الطراز، يتحدث عنه العالم كله وليس العالم العربي فحسب، حيث يصلنا هذا السؤال من الكثيرين من المهتمين حول العالم.. من يمولكم؟!

أردنا أن نثبت إمكانية الفعل، والبدء من العدم، وأن فكرة بدأها ثلاثة أشخاص بإمكانيات تبدو معدومة، يمكن أن يكون لها صدى كبيراً، وأن تكون مهوى أفئدة عشاق التغيير حول العالم.

في عام 2013، أي بعد 7 سنوات من التأسيس، فتحت الأكاديمية -وهي مؤسسة نمساوية غير ربحية- باب التبرع من خلال موقعها . وأعلنت ذلك  في دعوة مباشرة لمن يريدون دعم هذا الصرح العلمي.


اترك تعليقك




جميع الحقوق محفوظة لـ أكاديمية التغيير Academy Of Change | تصميم وتطوير: سوا فور، المؤسسة الرائدة في تطوير تطبيقات الويب.