قسم: آفات العقل الثوري
أضيف بتاريخ: 22 يوليو 2014
تدفق الناس إلى الشوارع في فرحة عارمة بعد عمل بديع للمقاومة، هرعتُ إلى النافذة لأتابع ما يجري.. فقد كنت حريصاً ألا يفوتني ذلك المشهد الذي ربما لا أراه مجدداً.. تعجب صديقي.. إلام تنظر؟! فلم أكن أنظر إلى الأرض.. كنت مشدوداً ببصري إلى السماء، أنتظر تلك اللحظة التاريخية.. التي تسجد فيها الملائكة مجدداً لآدم!!
يُخيل إليّ أنها ليست فرحة أهل الأرض تلك التي نشعر بها مع كل انتصار – ولو جزئي – لمقاوم يواجه الظلم والعدوان، هي فرحة أهل السماء تُقذف في قلوبنا. فرحتهم بالإنسان الذي استوى ونضج فأعمل كل ملكاته في عالم المقاومة. وكيف لا يفرحون بكل راية مقاومة للظلم، وقد ألقى الشيطان البيان الأول للإفساد في الأرض وهو في قلب السماء!!
فليفرحوا إذن بالإنسان الذي خالف توقعاتهم بأن يُفسد فيها ويسفك الدماء، ونذر نفسه لمحاربة الفساد ومقاومة الطغيان. وليفرحوا أيضاً بهذا المقاوم الموصول بالسماء!!
ليس لأنه يردد تراتيل التوكل وطلب العون فحسب، ولكن لأنه أثناء فعله المقاوم يرفع رأسه بين الحين والآخر يخاطب السماء قائلاً: انظروا ماذا أنا فاعل.. الآن يبدأ العرض!! فيبذل أفضل ما عنده، لأنه يعلم أن هناك من يشاهدونه في أعالي السماء، فلا يقدم إلا عرضاً يليق بهم.. فجلال العرض من عظمة الحضور.
هو المقاوم الذي تجلت فيه صفات علِّية اقتبسها من أنوار السماء، قوة وإبداع وكيد ومكر، وإمهال لا يعرف الإهمال، وأخذ للظالم دون إفلات. هذا المقاوم هو الذي تصفق له السماء قبل أن تدعمه. احترمها وأعد عرضاً يليق بها فاحترمته، وقدَّرها فقدَّرته ودعمته، ولو نسيها لنسيته.
أما أهل الأرض فيحتارون وهم يرون بلاءه، أهذه مقاومة أم استعراض مذهل يأسر الأنظار؟! أفُتحت السماء على الأرض فصارتا جبهة واحدة؟! فلم يعد من السهل أن تميز بين جند الأرض وجند السماء؟! أم هي المقاومة المسؤولة تصد العدوان بعد أن أسست بنيتها التحتية العملاقة؟! أهي سحابة الرحمة والعون تظلهم حيثما حلوا أم هم من رفعوا السحاب بغير عمد ترونها؟!
حتى وإن هُزم المقاوم، لا تملك أن تلومه، بل يزداد تعاطفك معه وتقديرك له، فمستوى الإعداد تستشفه من روعة الأداء، والحرب سجال. حسبه أنك تراه بعد الهزيمة يهز رأسه يميناً وشمالاً، بحثاً عن استراتيجية جديدة، أو وسيلة ذهبية. على عكس أولئك المتطفلين على السماء لا الموصولين بها، من يهزون رؤوسهم مرددين "الله حي والنصر جي"، فإن نظرت إلى ما أعدوه فُجعت من تفاهة ما ترى!!
سمعت كثيراً مقولة "أين الله؟" .. "لماذا يتأخر النصر"؟؟ .. ولو نظرت حولك لوجدت الإجابة واضحة.. والسماء حاضرة .. أنت الذي لم تقدم عرضاً لائقاً.. فالسماء تصفق لأهل الأسباب.. لمن يخططون ويكيدون!! وشتان بين من صبر حتى يستكمل بنيته، ومن يقاوم بأي طريقة وليكن ما يكون. بين من أجدبت نشرة أخبارهم فلا تنقل إلا أنباء فعالياتهم المتكررة التي صرت لا تلتفت إليها، ومن أمطروك سيلاً من الأخبار العاجلة المتجددة، حتى صرت تتساءل متى تأتي فقرة المقاومة؟! بين محدودي الخيال، ومن قرر أن يخوض مشروع تفريخ الطير الأبابيل، ليمتعك بعد سنوات بمعزوفة "العصف المأكول"!!
وائل عادل
22-7-2014