قسم: مكتبة الأسئلة
أضيف بتاريخ: 5 مايو 2017
إن مواجهة أسلحة العنف بأسلحة اللاعنف يخلق موقفاً معقداً وحالة من عدم التكافؤ الاستراتيجي، فأحد الأطراف يعتمد النشاط اللاعنيف، والآخر يعتمد العنف، وتعتمد فرص نجاح اللاعنف على مدى التزام المقاومين بأسلوبهم الذي اختاروه، والتطبيق المحترف الواعي لوسائله، بحيث يرتد القمع العنيف على الخصم المعتدي، ويفقد النظام الديكتاتوري توازنه السياسي، ويتكبد خسائر فادحة وتكاليف باهظة، تُفقد العنف فاعليته، وتعكس نتائجه. فحين يبلغ العنف منتهاه، ويستنفذ أعلى طاقاته، ويفشل في كسر إرادة المقاومة، ويظهر عجزه عن التحكم في مقاليد الأمور بعد أن استخدم آخر ما في جعبته؛ تبدأ هزيمته بتبدد شرعيته، وانكسار إرادته، ثم تضعف منظومته عندما يتخلى عن قواته، ويبحث في صفوفه عن كبش الفداء لتبرير الجرائم التي ارتكبها في حق المجتمع، فيصل إلى مستوى التفكك، وعدم القدرة على الاستمرار.
فإذا كانت سياسات الخصم غير مبررة، وجمعت حركة اللاعنف بين الاستراتيجية الواعية، والصورة الحضارية، وعدد النشطاء الكافي، ثم تمكنت في مواجهة القمع من المحافظة على ضبط النفس وعقدت العزم على المقاومة في مسارها المعد. فإنها تحقق إنجازات كبيرة، خاصة عندما يتسع نطاق التمرد. ويفقد النظام الدعم الجماهيري والدولي.
وعندما يفقد النظام المبرر الأخلاقي لاستخدام القمع أمام حركة حضارية، فإنه حينها قد يتمنى أن تلجأ المقاومة إلى العنف، حيث يمكنه التعامل معها وفق قوانين اللعبة التي يجيدها، وحشد المبررات المحلية والإقليمية والعالمية ضدها، وحين ينتهي النظام إلى استخدام القمع يكون دور المقاومة قد بدأ لإفقاد هذا القمع أثره. فتتخذ المقاومة من ترسانة أسلحتها اللاعنيفة المتنوعة ما يتناسب مع التحدي الذي تجابهه.
من كتاب "أسلحة حر ب اللاعنف"- أكاديمية التغيير