قسم: مكتبة الأسئلة
أضيف بتاريخ: 10 أبريل 2017
عندما تكون الأنظمة المستبدة قادرة على لي عنق الدستور والقوانين أو عدم تطبيقهما، وصياغة ما يناسبها من قوانين، وإلغاء وتجاهل ما يهدد وجودها واستقرارها؛ تصبح المسارات الدستورية غير مجدية، وحينها تلجأ قوى التغيير إلى المسارات الساخنة "فوق الدستورية".
والمسار الساخن ينقسم إلى قسمين، عنيف وغير عنيف، ومن أمثلة المسار العنيف الانقلابات العسكرية وحروب العصابات التي تنتهك القوانين، أما المسار غير العنيف فتمثله "حرب اللاعنف"، حيث تعمد الحركات إلى تغيير قواعد اللعبة السياسية عبر انتهاك القوانين الجائرة والظالمة، ومحاولة نزع الشرعية عن النظام المستبد. لذلك تعرف حرب اللاعنف بأنها نضال فوق دستوري.
وهذا التقسيم يفيدنا في الفصل بين المسار الساخن والمسار البارد، حيث تعتقد أحياناً حركات التغيير أن النضال الدستوري والدخول في الانتخابات البرلمانية يمكنها من أن تحدث التغييرات المطلوبة، بينما حرب اللاعنف لا تسلك عادة النضال الدستوري، ولا تعتمد على الإجراءات القانونية القائمة، لذلك لا تصنف الانتخابات من وسائل حركة اللاعنف، فالانتخابات وسيلة باردة تستخدم في النظم المتحضرة، وهي السبيل إلى التنافس على السلطة حين يضمن الناخب ألا يُسرق صوته.
وقد تكون الانتخابات أحياناً ثمرة لحرب اللاعنف، أو مناسبة لشن حرب اللاعنف، حيث تخطط حركات اللاعنف لشن حملات لاعنيفة تكون في نهايتها فرصة للدخول في معركة الانتخابات، بعد أن يتم تهديد قبضة الديكتاتور على السلطة، وضمان حرمانه من سرقة الأصوات. أي أن حرب اللاعنف هي في جوهرها حرب فوق دستورية تسعى لجعل المسارات الدستورية مجدية وفعالة ويحتكم إليها المجتمع.
هذا التمييز بين الوسائل الباردة والساخنة والنضال الدستوري وفوق الدستوري في غاية الأهمية، حيث يؤدي اللبس بينهما إلى استخدام وسيلة في غير موضعها وفي غير ميدان فاعليتها.
ولا يعني ذلك رفض الوسائل القانونية إن كانت منتجة، لكن المقصود أن حرب اللاعنف لا تتقيد بها إن كانت تلك القوانين مصممة لعرقلة تحقيق المطالب وانتزاع الحقوق.
من كتاب "حرب اللاعنف.. الخيار الثالث" – أكاديمية التغيير