الثلاثاء, 4 أبريل 2017
مكتبة الأسئلة

ماذا لو أخطأت الحركة في تحديد طبيعة الصراع؟

قسم: مكتبة الأسئلة
أضيف بتاريخ: 4 أبريل 2017

كثيراً ما تتعامل حركات المقاومة مع الصراع بقدر كبير من حسن النية، فيعلن قادتها أن الصراع بينهم وبين خصومهم هو صراع تنافسي، وليس صفرياً، ويقصدون بذلك في كثير من الأحيان إظهار حسن النوايا للخصم، إلا أن أضرار هذا الاعتقاد أو الإعلان تتمثل في التالي (في حالة أن طبيعة الصراع صفرية):

خلل على مستوى النتائج: حيث يفقد أعضاء حركة المقاومة حس الصراع نتيجة غياب أو ضعف الباعث الشعوري المحفز، حيث إن شعور أفراد المقاومة بحدة الصراع يجعلهم مستنفرين لأقصى درجة ممكنة، وكلما قل الشعور بحدة الصراع؛ زاد استرخاء أفراد المقاومة، مما يجعل الحركة تتحول إلى ما يشبه النادي الاجتماعي أو المؤسسة الخيرية التربوية الاجتماعية، وهو ما يمكن اعتباره خللاً على مستوى النتائج.

وبشكل تلقائي يؤدي هذا الخلل إلى تحويل بعض حركات المعارضة والمقاومة – ذات البرنامج السياسي والأيديولوجي أساساً – إلى مؤسسات اجتماعية وثقافية وتربوية، وقد يؤدي بهذه الحركات إلى خفض سقف أهدافها، أوتغيير الأهداف بالكلية في بعض الحالات.

عدم القدرة على الحشد الجماهيري: وافتقاد مناصرة الجماهير الواسعة، فعموم الجماهير لا تتبع الخطاب الدبلوماسي، ولا تتبع خطاب الضعفاء؛ ولكنها تتبع الخطاب الحاد القوي الذي يبيع لها الأمل، ويشعرها ببريق الفكرة، ويبشرها بإمكانية الفعل، وبقدرة الحركة على الانتصار.

وهذا الخلل نلحظه واضحاً عندما نقارن خطاب وأداء حركة قادرة على حشد الجماهير وبين أداء حركات أخرى زهدت في الجماهير واتخذت لنفسها أعذاراً ولا تفتر عن النيل من الجماهير، فترى قعود الجماهير عن مناصرتها دلالة تخلفاً وسلبية من الجماهير، وليس فشلاً في قدرتها على الحشد واختيار الخطاب المناسب.

فقدان الاتجاه: فالتعامل مع الصراع التنافسي يختلف تماماً عن التعامل مع الصراع الصفري. ومن ثم فإن الخطأ في تحديد طبيعة الصراع هو خطأ على مستوى الفكرة (خطأ قاتل)، تنتج عنه تلقائياً أخطاء على مستويات السياسات والاستراتيجيات والتكتيكات والتنفيذ، مما يؤدي بالحركة إلى السير في الاتجاه الخاطئ أو الدوران حول نفسها.

وتحدث نفس هذه الأضرار في حالة الاعتقاد بصفرية الصراع التنافسي، فيؤدي إلى خلل على مستوى النتائج نتيجة الإحساس العالي بصراع صفري غير موجود أصلاً، مما يؤدي إلى تحول الحركة إلى مؤسسة غريبة في المجتمع، وهو ما يفقدها مناصرة الجماهير الواسعة لاستهجانها خطاب الحركة، كما أنها تفقد الاتجاه لوجود هذا الخطأ على مستوى الفكرة، فتتحرك في الاتجاه الخطأ.

 

من كتاب "حرب اللاعنف.. الخيار الثالث" – إصدار أكاديمية التغيير


جميع الحقوق محفوظة لـ أكاديمية التغيير Academy Of Change | تصميم وتطوير: سوا فور، المؤسسة الرائدة في تطوير تطبيقات الويب.