قسم: مكتبة الأسئلة
أضيف بتاريخ: 15 مارس 2017
1- تحييد رجال الشرطة عبر مسارين:
الأول: استثمار الاعتقال والتحقيق في بناء حوار مع رجال الشرطة، ورغم صعوبة هذا الأمر إلا أنه مهم جداً، وليس بالضرورة أن يكون هذا الحوار عن طريق الكلام والإقناع – إذ قد يتعذر بناء حوار منطقي مع رجال الشرطة خلال التحقيق – ولكن يمكن الاستعاضة عن ذلك بأن يعطى جميع المشاركين في المظاهرة مثلاً بعض الأوراق القليلة الموثقة التي تحوي أرقاماً ومعلومات موثقة حول موضوع المظاهرة (الفقر – البطالة – الفساد – …)، وما على المحتجز سوى إعطاء هذه الأوراق للمحققين كمبرر على مشاركته في المظاهرة.
ومع تكرار المحاولة يبدأ الحوار النفسي داخل ضمير رجل الشرطة (موظف النظام/عبد المأمور) حول شرعية النظام وشرعية قمع الشعب من أجله.
والثاني: عبر الملاحقة القانونية للمسئولين عن حالات الاعتقالات والتعذيب والقتل عبر اللجوء إلى القضاء المدني، والملاحقة الإعلامية عبرنشر صورهم وأسمائهم لتصبح وصمة عار وفضيحة لهم أمام أهليهم وأقربائهم وجيرانهم، والملاحقة المهنية عبر المطالبة بعزلهم عن مواقعهم ومناصبهم.
2. استثمار كل حالة اعتقال وتضخيمها إعلامياً وتحويل المعتقل إلى رمز، وذلك عبر توثيق حالات الاعتقال والقمع والضرب – بالصور إن أمكن – وبثها عبر الفضائيات ووسائل الاتصال المختلفة (الانترنت والهاتف الخلوي) ومناقشتها على صفحات الجرائد والمجلات وعبر الفضائيات، وتحويلها إلى قضية محلية ودولية، ورفض ممارسة العملية السياسية (انتخابات – مفاوضات – …)، وحشد الأعداد الغفيرة بسرعة وكفاءة عالية أمام الأماكن التي يُحتجز وينقل إليها النشطاء، والتهديد بالتصعيد حتى يتم الإفراج عن المعتقل.
3. حشد مصادر القوة الداخلية: عبر الاتصال باللجان الحقوقية والديمقراطية ولجان الحريات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة ومحاولة جعلها أداة ضغط على النظام.
4. حشد مصادر القوة الخارجية: عبر الاتصال بالهيئات الدولية والحقوقية العالمية لممارسة الضغط على النظام للإفراج عن المعتقلين وللتوقف عن منع الجماهير من الإعلان عن مطالبها سلمياً.
5. تضامن نشطاء الحركة التغييرية: والتضامن في حقيقته حالة عقلية وروحية توحد بين الأفراد في كفاحهم الطويل أكثر منه نشاط يكلف الأفراد بتطبيقه. والتضامن لا يعني خياراً واحداً يطبقه جميع الأفراد في جميع المواقف، بل هو قوة داخلية موجودة لدى كل فرد ومختزنة داخل كل مجموعة، إنه التزام نابع من كل فرد تجاه الآخرين وتجاه القضية المشتركة، إنه تقديم الصالح العام على المصالح الشخصية. إنه رفض للأنانية التي تعود عليها الأفراد والتنظيمات والجماعات. إنه تكريس كل فرد لوقته وجهده لدعم الوطن وللمضي في العمل على رفعته في كل الأوقات، وفي جميع المواقف. ولا تستطيع سلطة أياً كانت أن تكسر هذا التضامن.
أنواع التضامن
– التضامن المعنوي: تجمع النشطاء حول مقار الشرطة وأقسام البوليس ومراكز الاعتقال، وتجمع النساء حول أماكن احتجاز أبنائهن وأزواجهن وآبائهن، ووضع الزهور على أسوار وأبواب السجون، رفض المعتقلين لقرارات الإفراج في حال استمرار اعتقال بعض زملائهم.
– التضامن المالي: مساعدة عائلات المحتجزين، وتوفير الكفالات المالية لخروج المسجونين.
6. تقويض شرعية القمع: عبر استخدام استراتيجية عدم التعاون.
استراتيجية عدم التعاون
لقد اكتسبت الاعتقالات والمداهمات والتعذيب شرعية – لا مكتوبة – لكثرة وطول استخدامها. وبالتالي فغالباًما يدرب النشطاء على كيفية التعامل مع القمع لا على كيفية تقويضه ورفضه عبر استخدام استراتيجية عدم التعاون وأساليب اللاعنف.
فبعض النشطاء يرفضون التعاون – جزئياً أو كلياً -مع إجراءات التحقيق والمحاكمة، فيرفضون تقديم الالتماسات أو توكيل أو القبول بالمحامين، أو الوقوف في المحكمة أو التحدث إلى القاضي كونه يمثل رمز سلطة المحكمة، أو اتخاذ موقف أو سؤال الشاهد، ولكنه قد يلقى خطبة على الجموع الذين تجمعوا في مقر المحاكمة، أو ينام أو يجلس على الأرض إذا أُريد حمله، أو يحاول المغادرة إذا لم يُمنع بالقوة.
وقد تكون العقوبات المترتبة على عدم التعاون صارمة، لأن بعض المحققين أو القضاة يأخذون هذه التصرفات على محمل الإهانة الشخصية أو الإهانة لقدسية التحقيق أو المحاكمة، ولكن من ناحية أخرى يغض بعض المحققين أو القضاة الطرف عن هذه السلوكيات بل وربما يحاولون الاتصال بالنشطاء.
كما يمكن تطبيق عدم التعاون الجسدي خلال عمليات ووقت الاحتجاز، وهذا يتضمن رفض المشي والأكلوالنظافة الشخصية أو نظافة المكان المحيط، وهذا قد يؤدي إلى محاولة مسئولي السجن إجبار النشط السياسي السجين على الأكل ووضع حفاظات له.
ويعد الصيام من أحد أشكال اللاتعاون، ويقصد به الامتناع عن الطعام والسوائل ما عدا الماء، وبينما يمثل الامتناع عن الغذاء إزعاجاً لسلطات السجن كونه يمثل خطورة على حياة السجين، فإن الامتناع عن الغذاء والسوائل كلية وحتى الماء أشد خطورة، حيث أن السجين لن يعيش لفترة طويلة، ولذلك فإن السلطات تراقب الأشخاص الذين يهددون ويلوحون باستخدام "صيام الماء" فيدخلونهم المستشفيات حرصاً على حياتهم، ولكن يجب على المتظاهر ألا يعتمد على هذه الوسيلة لجذب الانتباه، بل يجب أن يكون قادراً على وقف الصيام أو أن يكون عازماً على الاستمرار حتى الموت، كما فعل مقاتلو الحرية في أيرلندا في عام 1981م.
وعدم التعاون قد يأخذ أشكالاً أخرى وينتج عن أسباب أخرى، فرفض الفرد إعطاء اسمه لا شك أنه ينبع من رغبته وتصميمه على المقاومة والتغلب على النظام الذي يلفق محاضر إجرامية للناس، ويصنفهم ويتجسس عليهم، ويعاقب المنظمين والمخالفين للقانون بعنف وصرامة أشد. وهذا ينقل رسالة للنظام مفادها أنه لا أحد منا سيتعاون مع النظام وأن هذا الأمر سيتكرر المرة بعد المرة.
ومع ذلك فكثير من نشطاء الحركة التغييرية اللاعنيفة يعملون بانفتاح وثقة، ولا يحاولون إخفاء شخصياتهم وهو ما يميز ويقوي أنشطة اللاعنف، ويطبقون ما يطلق عليه "التعاون المقيد" فيرفضون البوح بعناوينهم أو رفض إعطاء الوعود بالعودة للمحكمة، وهذا يزيد العبء على المحاكم لضرورة التعامل السريع مع المتظاهرين، كما أنه يعزز التضامن بين النشطاء ويزيد من وحدتهم.
من كتاب حلقات العصيان المدني – أكاديمية التغيير