قسم: آفات العقل الثوري
أضيف بتاريخ: 5 يونيو 2014
في كل جيل الشجاع والجبان، الطموح والبليد.. لكن ستظل لكل جيل ملامحه الأساسية التي تميزه، مع وجود استثناءات تخالف القاعدة. فلا يُتصور أن يكون جيل بأكمله نابضاً بالحيوية، ولكنها الكتلة النسبية التي تستطيع دائماً تغيير مسار الأحداث لاتجاه آخر. فأي جيل هذا وُلد في العالم العربي؟!
إن حدث "الثورة" كتب ولادة جيل جديد، من سماته المميزة أن عينه يوم تفتحت على العالم أبصرت ثورة، فشاهدت الخوف يرتعد في الشوارع أمام صيحات الشعوب. هو جيل "قَهْر الخوف". فما من موضع يٌخشى الاقتراب منه إلا واقتحمه، وما من خط أحمر تم الإعلان عن تشييده إلا ونسفه!!
أحياناً لا نفهم كيف يفكر، ولماذا يقدم على المغامرات غير عابيء بالعواقب؟! هو في الغالب لا يرى قضايا الصراع السياسي من منظور كلي، هو يفكر في جزئية ويقوم بتفكيكها.. والجزئية التي أتقنها ويطورها هي التعامل مع ملف "الخوف"!!
وكأن "قهر الخوف" هو الطفرة الجينية لهذا الجيل. وهو لا يريدها أن تظل طفرة، فجزء من مهمته تحويل طفرة "قهر الخوف" لجين أساسي.. فهو يحارب "الخوف" كفكرة وسلوك بغض النظر عن السياسة.. وكأنه يتساءل.. ما الشيء الذي يخيفكم؟! ثم يهرول نحوه ليُقَزِّمه في الوعي، ويطارده في كل مكان ويتتبع فلوله، ويدفع الثمن دون ضجر.
نظنه لا يعبأ بالعقوبة، والعكس هو الأرجح، فالوعي بوجود العقوبة، ثم الإقدام على الفعل في وضح النهار؛ يعني قتل الخوف على عارضة الطريق، ونعيه على مرأى ومسمع من الجميع.. فحين تفقد العقوبة قدرتها على الردع فذلك معناه أنها لم تعد سلاحاً في يد الطغيان، بل تتحول إلى معول في يد المقاومة تُقَوِّض به أركان الخوف.
وكأن جيل "قهر الخوف" يضع نصب عينه حماية مكتسب ثوري أساسي لهذا الجيل.. "كسر الخوف".. لسان حاله.. إن للثورة مكتسبات سياسية وأخرى جينية، وإن ضاعت المكتسبات السياسية أو لم تكن مُرضية؛ فإن "المكتسبات الثورية الجينية" التي صبغت هذا الجيل -وستورث للأجيال اللاحقة- لا ينبغي التفريط فيها.. وتستحق النضال من أجل إرسائها.. فللثورة "مكتسبات جينية" تحيل الإنسان إلى خلق جديد، كل بصماته تتغير، بصمة العين والإبصار، وبصمة العقل وأنماط جديدة من التفكير، وبصمة الأصابع والقدرة على الفعل، وبصمة الدم وجينات التحدي.
وفي عملية صناعة وحماية للمكتسبات الجينية يخرج الثائر حاملاً راية "كسر الخوف" الخفاقة، مدافعاً عن هذا المكتسب (كسر الخوف) في صور صارخة من البسالة والإقدام.. وإن أطل الخوف برأسه في مكان داهمه في عقر داره.. حتى لا ينسى أحد.. وحتى لا يُبتلى هذا الجيل بما ابتلي به من سبقه.
فالخوف هو الداء الذي ابتلي به جيل سبقه، اتخذ من الخوف درعاً، وهو يظن أنه سينجيه من المهالك. حتى أنه يوم أراد أن يعبر عن الزوجة المتسلطة أسماها "الحكومة"!! معبراً دون وعي عن رؤيته لأن "الحكومة" مخيفة، ويجب اتقاء شرها، حتى أنها تصبح مضرب الأمثال في الخوف من الزوجة المتسلطة!!
أما في جيل "قهر الخوف"، فترفض الزوجات المتسلطات أن توصفن بالـ"حكومة".. فهذه سمعة سيئة في أوساط التسلط.. أشبه بأن تقول أنا عندي حارس خاص اسمه "وائل"!!
إن هذا الجيل تتحدث الحكومات عن خطره أكثر مما يتحدث هو عن خطرها، وعندما زاد الهجوم عليه لم يتحدث كالجيل الذي سبقه عن "الحكومة المخيفة" التي تعد الأنفاس، بل أبدع مصطلح "الدولة العبيطة".. وكيف لا وقد نشأ على عبارات صاحب قناع جاي فوكس الملهمة.. "على الحكومات أن تخشى الناس.. وليس على الناس أن تخشى الحكومات"!!
وائل عادل
5-6-2014