قسم: تكتيكات الحيوانات
أضيف بتاريخ: 23 فبراير 2012
أتت فكرة هذه السلسلة من وحي جولة في براري "مساي مارا" الكينية، حيث الموطن الأصلي للكثير من الحيوانات البرية. تراها هناك على طبيعتها في بيئتها، لا تملك إلا أن تتأمل فيها وتنصت إليها وتتعلم منها، كيف تدير شئونها في هذا العالم المترامي الأطراف.
سنذهب معاً بعيداً في البراري والأدغال، لنستمتع برحلة الصيد، ونرمي شباكنا بحماس. وهذه المرة لن نصطاد الحيوانات، فهي المعلم المبجل، وإنما سنصطاد تكتيكاتها. لنفحصها في مختبر الدراسة والتحليل.
في هذه السلسلة الأستاذ ليس عبقرياً استراتيجياً مشهوراً، أو متخصصاً في العلوم الاجتماعية أو السياسية. فالأستاذ هو الأسد والفهد والفيل والزرافة، وغيرهم كثيرون، مع حفظ الألقاب للجميع من أولئك الرائعين في عالم الحيوان. نجلس منهم في موقع التلميذ المنبهر، نصغي إليهم، ونطرح أسئلتنا. ويساعدنا في ترجمة لغتهم علماء الأحياء، الذي عكفوا على دراسة هذا العالم الرائع.
عالم الحيوان مليء بالأفكار، وكلما اكتشفت طرفاً من أسرار حياة هذا العالم ازددت حرصاً على اكتشاف المزيد، فدروس الطبيعة مكثفة ومبهرة، ربما تعلمت درساً من فيل ينبئك عن تكتيك فعال قد يعينك على حل مشكلة، أو استفدت من نصيحة طائر يشدو بفنون التحليق. المهم أن تمعن النظر وتعتني بالتأمل والملاحظة، وتحرر عقلك من ضيق المدينة وأطروحات الساسة والخبراء فيها إلى سعة البراري وتنوع الكائنات واللغات وأنماط الحياة.
تضم هذه السلسلة مجموعة من الدروس التكتيكية التي تمارس في عالم الحيوان، فلكل كائن أساليبه الهجومية والدفاعية التي يمكن الاستفادة منها. ودراسة منطق الفعل في الحيوان يمكن أن تفتح آفاقاً من التفكير اللامحدود، الذي ينقلك إلى عالم العجائب الاستراتيجي، كما هو عالم الغابة المفتوح، الذي ما زال يُكتشف يوماً بعد يوم.
هذه الدروس معروضة للنظر والدراسة، لكل مهتم بتطوير أفكاره في مجال التكتيكات، سواء على المستوى الفردي والعمل الخاص، أو على المستوى الجماعي والعمل العام.
أما شروط استخدامها فتختلف من واقع لآخر، فربما استخدَمْتَ تكتيك غزال لتهرب، ولم تنتبه أنك في موقع الأسد المهاجم، أو اخترتَ تكتيك الهجوم وتقمصت شخصية الأسد وأنت في موقع الذبابة. كما ستلحظ التكتيك وعكسه، هذا يدعوك إلى الحذر وآخر يحثك على الاقتحام. إنها أشبه بالألوان الخام قبل أن تزين لوحة الرسام، وقبل أن يحدد كيف سيخلط الألوان، وأيها سيستخدم وأيها سيترك. فتشكيل اللوحة الخلابة لا يعود إلى الألوان ذاتها بقدر ما يعود إلى فن استخدامها… إنها براعة الفنان.
لذلك ليست العبرة أن يعجبك تكتيكاً وتقرر أن تنفذه، فللاستخدام فن، وتحديد مسرح العمليات والتكتيكات المناسبة أمر مرده إلى العقل والرؤية الثاقبة، والاستراتيجية الكلية التي تحكم ممارستك.
أما عن المعلومات الواردة في تلك السلسلة حول عالم الحيوان، فهي إما نتاج ملاحظة أولية، أو معلومة من مرشدنا في البراري، أو تجربة وخبرة عملية في تربية الحيوانات، أو بحث في الموسوعات العلمية والأفلام الوثائقية التي تتناول عالم الحيوان بالتأمل والدراسة.
وائل عادل
23/2/2012