الثلاثاء, 20 سبتمبر 2016
نحو فهم أفضل للشعوب

الشعب ملك الإرادة

قسم: نحو فهم أفضل للشعوب
أضيف بتاريخ: 20 سبتمبر 2016

إن الدعم الشعبي هو السلاح الأساسي لأي طرف يريد أن يفوز في معركة التغيير، والجماهير هي الهدف والوسيلة، هي الهدف لكونها هدفاً استراتيجياً من حصل عليه كانت له الغلبة، وهي الوسيلة باعتبارها الأداة الفعالة لتغيير المشهد لاحقاً وممارسة الضغوط. والفاعل السياسي تارة تكون "الجماهير" له هدفاً استراتيجياً يجب تحقيقه، كمن يبحث عن السلاح الفعال، فيجعل العثور عليه هدفاً استراتيجياً، بدونه لن يخوض المعركة، وتارة تكون "الجماهير" وسيلة عليه تفعليها، إن كان بالفعل مدعوماً بالجماهير. وسواء كانت الجماهير هدفاً أو وسيلة، فكلاهما يحتاج فناً، فن تحقيق الهدف، ثم فن تفعيله ليتحول من هدف إلى وسيلة

والفوز في معركة التغيير قائم على:

سحب الدعم الشعبي من طرف وتحويله لطرف آخر.

تحويل إرادة الشعب.

سحب الدعم الشعبي من طرف وتحويله إلى طرف آخر

 فالطرفان الأساسيان في معارك التغيير في الغالب يسلطان نظرهما على الجماهير وليس على بعضهما البعض، كل يحاول بممارساته تجاه الآخر أن يكسب قطاعات واسعة من الجمهور، ولا يعنيه كثيراً الطرف المقابل له ذاته، لأن هذا الطرف لا قيام له بدون دعم شعبي، فالشعب إن أراد دعم طرف انتهت المعركة، وإن أراد خذلانه انتهى هو ولم تقم له قائمة.

أعمال القمع على سبيل المثال ليس هدفها الرئيسي ترويع قوى التغيير ذاتها، فهي اللاعب الأساسي، وعادة اللاعبون الأساسيون معاندون. لكنها تمارس بالأساس لبث الذعر والقلق داخل الشعب، أي لقطع الدعم عن قوى التغيير.

عندما تبشر فلسفة اللاعنف بأن الممارسات يجب ألا تكون عنيفة، وأن تتسم بالمظهر الحضاري قدر المستطاع، ذلك لأنها تخاطب الجماهير بفعلها، هي لا تخاطب النظام بالدرجة الأولى، وإن كان جزء من الخطاب موجهاً له، هي ترد على رسالة النظام للشعب، وإن أحسنت خطاب الشعب حظيت بدعمه، وهي كذلك حين تخاطب النظام تخاطب فيه القوى العاقلة التي تربأ بنفسها عن دعم قوى قمعية تجاه حركات متحضرة، كما تخاطب النظام الدولي، رسالتها (نحن شعب حضاري نستحق الأفضل)، إضافة للفوائد الكبيرة لللاعنف على بنية المجتمع بعد التغيير، وهو ما تحدثنا عنه في مواضع أخرى.

تحويل إرادة الشعب

أحياناً لا تكون الأزمة في الدعم، فالشعب ظاهرياً لا يدعم النظام، يظن أنه على الحياد متجاهلاً جميع الأطراف، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لكنه بحياده المتوهم يعمل لصالح النظام، الذي يستمد الدعم الفعلي من الطاعة.

"الشعب يريد".. قانون ماض ومتحقق، إن أراد الشعب دعم طرف رفعه إلى السماء، وإن أراد خذلان طرف خسف به الأرض. وهذا يجعل كل الأطراف في حذر وتواضع في تقدير قوتها، السلطة بالتأكيد ليست هي الشعب، كما أن قوى المعارضة ليست هي الشعب، الشعب بينهما وإرادته مستقلة عن إرادتهما. والأطراف تحاول تغيير الإرادة لصالحها، الكل يحاول أن يجعل أكبر قدر من احتياطي الإرادة الشعبية لصالحه، فينجح أحياناً ويفشل أحياناً أخرى.

"الشعب يريد" تعلمنا أن عموم الجماهير هم تاج البلاد، هم من يرتجى رضاهم، ويُحذر من سخطهم. وهم ليسوا أداة طيعة في يد أي طرف في السلطة كان أو المعارضة، ولا يوقعون عهود ولاء على بياض، فبالأمس هم معك، واليوم ضدك، وغداً يتجاهلون كل ما يجري، وبعد غد معك من جديد، وهكذا..

"الشعب يريد" تعلمنا أن تلمس إرادة الشعب أمر ضروري، وأن كل طرف عليه أن يعمل لها ألف حساب، وأن العمل على تحويل هذه الإرادة من نصرة فكرة لأخرى أمر مشروع، وأنه أمر ممكن للطرف الذي يتحلى بالذكاء، ويخاطب مطالبهم، ويوضح المسار.

"الشعب يريد" تعلمنا أن التحدي ليس فيما يفعل الطرف الآخر، وليس فيما قرر هو، ماذا عن قرار عموم الجماهير؟ ومواقفها وآرائها وإلى أين تتجه إرادتها؟. فأغلب ما يجري من ممارسات موجه بالأساس للجمهور للتأثير في الإرادة. الملعب الأساسي اسمه "الشعب" وكل ماعداه زائف، من سيطر عليه فاز، ومن لعب على "التراك" لم يجن سوى الجهد والإرهاق.

"الشعب يريد".. تعلمنا أن الشعب يرقب ممارستك وخطابك.. فلا تجعل ممارساتك أو خطابك باللغة التي هي أهل لخصمك فحسب، ليس ما يستحقه خصمك هو العنصر الأساسي الذي يحدد أقوالك وأفعالك.. هناك من هم أهم!! وبدونهم لن تقوم لك قائمة.

"الشعب يريد" تعلمنا أن إرادة الشعب أقوى من أي طرف، سواء كان في السلطة أو المعارضة، والطرف الناجح هو من سيبدع في التواصل مع الجماهير من جهة، ومن جهة أخرى يجذب خصومه له، ظانين أن خلفهم الجماهير المؤيدة لهم، ويجعلهم يسلطون أنظارهم عليه، ويحملقون فيه طيلة الوقت. لم ينتبهوا إلى أنهم أعطوا ظهورهم للجماهير فترة طويلة، في حين هو يغمز للجماهير من خلفهم.. فهل يعي الجميع مكمن القوة ومنطق الفعل؟؟

  

 وائل عادل 

   12/9/2011


اترك تعليقك




جميع الحقوق محفوظة لـ أكاديمية التغيير Academy Of Change | تصميم وتطوير: سوا فور، المؤسسة الرائدة في تطوير تطبيقات الويب.