الأربعاء, 20 أبريل 2011
زلزال العقول

نظام كشف الديكتاتور

قسم: زلزال العقول
أضيف بتاريخ: 20 أبريل 2011

الديكتاتورية طبع دنيء، والديكتاتور شخص مريض، يرى نفسه فوق الناس، فهو أعلمهم وأفهمهم، وهم رعيته وجنده، يستغل حاجتهم ليلبي حاجته، فالديكتاتور بحاجة إلى شعب يطيعه، وأفواه مفتوحة أمام كلماته العبقرية، لا يُناقش إلا إن وجد النقاش يزيده فخامة، ويوسع من دائرة التفاف الناس حوله، وهو يعاني من أزمة الصوت العالي،  لأنه يعشق سحر صوته، لذلك تجده يصرخ في من حوله حتى يشعر بالسعادة وبسيطرته على مملكته. من أجل ذلك كانت معالجته واجباً أخلاقياً على كل المجتمع.

ستُبنى في المستقبل نظم حساسة لكشف الديكتاتورية، وعزلها عن المجتمع في محاولة لعلاجها، أياً كان الديكتاتور، إن وجدته في أي مكان ستُخصص أرقام هواتف للاتصال السريع، حيث تتشكل لجنة طبية للكشف عليه، لتسجل مدى استفحال المرض لديه، وقابليته للعلاج.

في المستقبل سنجتث الديكتاتوريات من الجذور، وستقود البلاد والمؤسسات شخصيات سوية تؤمن باحترام الإنسان. وربما نلجأ للحلول الاستباقية، فبالتطور العلمي سيعُرف الديكتاتور فور مولده من خلال فحوصات طبية، فإن تعذر علاجه صُنِّف من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهو بحاجة دائمة إلى شعب يركبه، وهذا مما لن يمكن توفيره في المستقبل، لأن الشعب غير المروض سيُسقطه أرضاً.

في المستقبل سيتم عمل كشف دوري على القيادات والمدراء، وفي حالة اكتشاف أي خلل أو نزوع نحو الديكتاتورية سيتم توجيههم لترك مناصبهم والعمل كسائر زملائهم.

ربما تشيد مصحات خاصة يودع فيها من لديهم طباع ديكتاتورية بارزة، في محاولة لتأهيلهم للحياة بين الناس، أو في أحسن الأحوال لحماية تلك المخلوقات البريئة من أن يفتك بهم الشعب.

وللمزيد من الإمعان في اكتشاف الديكتاتوريات ووقاية الناس من وبالها سيكون على كل فرد أن يتقدم لمركز اكتشاف الديكتاتوريات ليقوم بشكف دوري مجاني، لتحديد درجة الديكتاتورية لديه، فأي إنسان لديه نوازع ديكتاتورية، كما أن أي إنسان لديه ضغط دم، المهم أن تكون الدرجة في المعدل الصحي الذي تستقيم به الحياة، وهناك شخصيات لا تتطلب الإيداع في المصحات، وهي التي يكون لديها نوازع طفيفة من الديكتاتورية تتجاوز المعدل الطبيعي، لكن لديها الرغبة في العلاج، كمن اكتشف فجأة أن لديه ارتفاع طفيف في ضغط الدم، فسعى بجد لعلاجه، هذا النوع ليس خطراً، ربما فاجأه اكتشاف المرض وهو لا يدري أنه مصاب به.

أعلم أن الوضع مخيف، فقد يكون الديكتاتور مديرك، أباك، أمك، أخاك، صديقك، قدوتك ومثلك الأعلى، وقد يكون أنت. للأسف المستقبل ليس في صالح الديكتاتوريات، لكن يسعها ألا تقود أحداً فترحم نفسها والآخرين.

أما الخبر السار للمستضعفين في أعمالهم، أننا سنبدأ حملة تطهير البلد من الديكتاتورية بالتدريج، سنبدأ بالرموز، ثم بمدراء الشركات، فكم من رمز ينادي بالحرية وهو ديكتاتور من النوع الأصلي، ستوضع معايير لتحديد من هو الديكتاتور حتى لا يتم اتهام الناس جزافاً.. وسيوضع نظام للتثبت من ذلك، كما سيوضع نظام لتحديد مدى خطورته واستفحال الحالة لديه، وقد يتم تركيب علامة مميزة له بحيث يعرف الناس مباشرة مدى خطورة الحالة فور رؤيته، حتى يتجنبه العامة، مثلاً الاكتفاء بوسم في ظهر كفه في الحالات البسيطة، وتركيب ذيل لونه أحمر في حالات المرض العضال.. مجرد اقتراح.

أنصح أي ديكتاتور أن يستمتع بديكتاتوريته لأيام، فالمستقبل ضده تماماً. وسيتم تفعيل نظام اكتشاف الديكتاتوريات بعد أن يتم الانتهاء منه وتجربته على عالم القرود.

وأبشر كل من يُستغل في عمله، وتسحق آدميته، أو تمتهن حريته في حزبه وحركته، أو .. أو… قريباً يتطهر العالم من تلك الكائنات، وربما نخصص مدينة كاملة لمن يستعصي علاجهم، أو يرفضون تلقي العلاج استكباراً وغروراً، سنأتيهم في تلك المدينة بالفول السوداني والموز، ونعلم أبناءنا.. "هؤلاء سخطهم الله بعد أن حادوا عن الفطرة السليمة.. كانوا يأكلون عقول البشر".

وائل عادل

20/4/2011 


اترك تعليقك




جميع الحقوق محفوظة لـ أكاديمية التغيير Academy Of Change | تصميم وتطوير: سوا فور، المؤسسة الرائدة في تطوير تطبيقات الويب.