قسم: الإعلام - صوت وصورة
أضيف بتاريخ: 17 أبريل 2011
أرى بعض الشباب تائهاً بعد الثورة، يتساءل ماذا أفعل؟ وقد وجدت أن هذا الشباب أربعة أصناف: صنف كان مهتماً بالتغيير السياسي، وآخر كان أغلب اهتمامه منصباً على نشر أفكار يؤمن بها لكنه كان يعاني من عراقيل تحد من نشرها، وصنف ثالث كانت له اهتمامات بأعمال المجتمع المدني، ورابع كانت اهتماماته متعلقة بتخصصه كمجالات الهندسة والفيزياء الخ.
أما الصنف الأول فبوسعه أن يطور دوره في إطار العمل السياسي بشتى أشكاله، ما يتعلق منه بالتوعية السياسية أو الممارسة الفعلية أو الرقابة على الممارسة السياسية من كل مكونات المجتمع. فإن كان لا يرغب في ذلك كأن يكون دافعه الأساسي لممارسة السياسة قد انتهى بحدوث التغيير، هذا الصنف يمكن أن يعمل على بناء مجتمعه من خلال تخصصه أو مجاله الذي يهتم به.
أما الصنف الثاني الذي لم يكن مهتماً بالسياسة وكان يمارس عملاً من أعمال المجتمع المدني، فليس مطلوباً منه سوى أن يكمل عمله ويطوره في ظل بناء المجتمع الجديد. فيضاعف جهوده ويحسن من جودة عمله بعد أن زالت العراقيل.
أما الصنف الثالث الذي كان كل عمله منصباً على نشر الأفكار والقيم، أتعجب من الشكوى تصدر منه، رغم أن جل أمله كان أن يتمكن من نشر أفكاره دون تضييق أمني، ففيم تفكر؟ وما الذي يقعدك؟ استمر في عملك الطبيعي الذي كنت تشكو أن أحداً لا يسمح لك به.
أما الصنف الرابع وهم المتخصصون في مجالات مختلفة فبإمكانه أن يسهم مع مؤسسات المجتمعات المدني ويضيف إليها الجديد في المساحات التي يراها غير مخدومة، أو يبرع في تخصصه وعمله اليومي ويتقنه، لأن المجتمع بحاجة إلى كل التخصصات كي تبني وتشيد.
وإن كانت الثورة قبل التغيير في أمس الحاجة لمن يطور أدوات الممارسة السياسية في ظل نظام ديكتاتوري، فإنها بعد الثورة بحاجة ماسة إلى الاهتمام بأدوات بناء النظم والعمران في شتى المجالات، حتى يتم تقديم نموذج رائد للدول المتقدمة.
الثورة جاءت لتعيد المجتمع إلى طبيعته، جاءت لتقول أن العقبة التي كانت تمتص الطاقات وتضيع فاعليتها تمت إزاحتها، وبالتالي أصبح لبذل الجهد جدوى، وأصبح للتميز في التخصصات المختلفة دوره الفعال في بناء البلد. وطريقة الحياة في مجتمع ما قبل التغيير تختلف كلية عن ما بعده، فكثير من الشباب ترك مجالاته ليتحول إلى أسد هصور يكافح أعتى الديكتاتوريات، كانت هذه أوضاعاً استثنائية، ويصعب استصحاب نفس نمط التفكير في المرحلة التالية للتغيير. حيث كان يتم التفكير في رسم صورة كلية لكيفية حدوث التغيير، ومحاولة حشد كل الناس في اتجاه واحد، وبأدوات محدودة تصب كلها في المسار السياسي.
اليوم نجد الملايين قد تحررت طاقاتها، ولو أبدع كل في مجاله ستغطى كل المساحات المطلوبة بشكل تلقائي، كل المطلوب منك أن تتميز في مجالك وتبدع فيه، وأبشرك أننا عدنا إلى الحياة الطبيعية، لا تحتاج إلى تركيب أجهزة تنفس إن كنت سمكة تسبح تحت الماء. تحرك بطبيعتك فأنت اليوم حر!!
وائل عادل
17/4/2011