السبت, 29 مايو 2010
زلزال العقول

التغيير يتحدى الملل

قسم: زلزال العقول
أضيف بتاريخ: 29 مايو 2010

لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون مشهد التغيير هو المشهد الأكثر مللاً في الشارع، فالشارع ليس إلا شاشة عرض كبيرة، أو مسرحاً حياً ينصب في أي مكان بعفوية. والناس يتفرجون على أفلام وبرامج يومية في تلفزيون الشارع، ويقررون أي الأفلام والبرامج يتابعون وأيها يغلقون. انظر إلى هذا الذي يتابع حواراً حاداً بين زوج وزوجته في المترو، لقد أعجبه البرنامج فأعطى أذنه لهما، وعندما تأتي محطة نزول مقدمي البرنامج يسألهما، متى ستركبان غداً؟؟ إنه يسأل عن موعد البرنامج ليتابعه!!  

وهناك آخر تعجبه أفلام الأكشن والإثارة، يتابع في المترو مشهد شاب يعاكس فتاة، ليس المثير في المشهد الفتاة، وطبعاً ليس الشاب، لكنه أخوها الذي سيشق الصفوف ليهشم أنف الشاب.. ثم تنهار الفتاة باكية. ينتهي الأمر بدراما رائعة يتابعها الجميع، يختمونها بتمتمة وهم يقلبون كفوفهم.. "جيل آخر زمن". ثم ينزل كل منهم في محطته أملاً في أن يحظى بعرض أكثر تشويقاً.

فجأة صعد المترو شخص يصرخ في الناس.. الحقوني.. الشرطة تطاردني، كان يظن أن الجمهور سيقف معه، لسان حاله وهو يعرض مشهده "مش هتقدرتغمض عينيك"، لكنه لم ينتبه، فأغلب الواقفين في المترو ليس معهم بطاقات هوية، نزلوا في أقرب محطة وتركوه للشرطي. أخذ يكيل السباب للجمهور السلبي، لكنه نسي أنه يعرض لهم فيلم رعب، يا له من مخيف وممل!!  

ولا يتوقف الأمر على البرامج المرئية، فأحياناً لا تستطيع أن تدير وجهك من فرط الزحام، حينها ستفكر إلى أي الحوارات ستنصت .. هذا أم ذاك.. نعم إنها إذاعة الشارع المحيطة بنا بترددات مختلفة. فقط اضبط الموجة وضع أذنك في الاتجاه الصحيح. بهذه البرامج اليومية الارتجالية يسلي الناس أنفسهم، ويروحون عنها، فهم بين ممثل ومشاهد، الكل متساو، والعرض الأكثر إبهاراً سينال إعجاب الجمهور. 

الآن فكر.. ما الذي تقدمه أنت للجمهور؟؟ هل ينافس المعروض اليومي؟؟ هل ستتمكن من لفت الأنظار إليك وتشجيعها للاتصال ببرنامجك؟ هل ستجعل كلمة "التغيير" عشق الجماهير وأغنيتهم المفضلة؟! 

أنت تتحدث عن أهمية التواصل مع الجماهير في الشارع.. يجب أن توقن أن الشارع ليس ملكك، لكن بإمكانك أن تملكه، الجمهور لن يجاملك وليس مضطراً لذلك، قد تسبه، قد تلعنه، قد تندد بعدم اهتمامه بك،أنت بذلك تضطره إلى أن يحول القناة، أو يبيع التلفاز بأكمله.. يهج ويغادر البلد!!  

غير برامجك، غنِِّ.. اضحك.. مثَّل.. كن كوميدياً، وكن جاداً، انطلق في الأسواق والمواصلات والمدارس والجامعات، عوالم واسعة لكل منها لغته المميزة، اظهر كل يوم بفكرة جديدة ولون جديد، كن لطيفاً مع الجمهور، حرر عقله واملك مشاعره، واجعل أعداءك يشهدون لك بالذكاء، ويحترمون عرضك، واعلم أنهم بدورهم قد يكونون ملوا من أسلوبك، مما يزيدهم حنقاً عليك. 

وفي النهاية.. أنت المتحمس الذكي، وأنت المخرج المبدع، والفنان المتألق، خطط للفوز باهتمام الجمهور، واعلم أن الجمهور ذكي يميز العرض الجيد، إن أحببته أحبك.. وإن خاصمته لم يبال بك.. اجعل شعارك من الآن كذلك الذي صعد المترو دون أن ينبت ببنت شفة، إلا أن الكل كان يحملق فيه، كثيرون رفعوا هواتفهم ليصوروه، أما الفتيات فتحلقن حوله يُقَبلنه، ثم هرع الناس إليه ليناقشوه.. كان طفلاً صغيراً يمسك بالونة مكتوب عليها… "التغيير يتحدى الملل"!!    

 

وائل عادل

29-5-2010


اترك تعليقك




جميع الحقوق محفوظة لـ أكاديمية التغيير Academy Of Change | تصميم وتطوير: سوا فور، المؤسسة الرائدة في تطوير تطبيقات الويب.