قسم: آفات العقل الثوري
أضيف بتاريخ: 20 يناير 2015
هذه وسيلة لن تنفع الآن .. ربما كان يمكن أن نستخدمها من قبل.. لقد تجاوزنا هذا الأمر، وفات أوانها.. “مش وقته”.
هذه المقولة يرددها كثيراً العقل الثوري المصاب “بفرق التوقيت”.. فساعته دائماً تخبره أن الوقت لم يعد مناسباً.. يخبرك عن أي نشاط أو وسيلة مقترحة من خارج نسق تفكيره أن هذا ليس أوانها.. كانت زمان.. لكنك إن راجعت تاريخه تجده لم يطبقها أيضاً “زمان”… فيوم أن كان وقتها متاحاً كان يفكر في ما هو دونها.
فإذا اقترحت عليه وسائل طريفة تجذب الجماهير، أو خطاب يمس هموم الناس.. يقول لك هذا ليس وقته، هذا وقت الاحتجاج الجاد، وطرح المباديء لا الأفكار الجزئية، “هذا كان يمكن أن نقوم به قبل اليوم، لكن الظروف تغيرت”. وقد تكون بالفعل تغيرت.. لكنك إن تتبعت ما كان يقوم به حين كانت الظروف مواتية تجده أيضاً لم يقترب من تلك المساحة!!
إن قلت له هيا نقوم بنقد موضوعي للمسار برمته وأهدافه وشعاراته، يقول لك: “هذا لا يصلح الآن… مش وقته”.. فلا تملك إلا أن تحملق فيه مستغرباً: وهل يتم تصويب المسار بعد نهاية المباراة؟!!
قد تكون بالفعل هناك وسائل وأنشطة غير عملية، أو تصلح لزمن دون آخر.. لكننا نستعرض هنا نمط تفكير يريح عقله تحت دعاوى أن المرحلة تم تجاوزها وأن هذا ليس وقت هذا النوع من التفكير المختلف الذي قد يتسبب في تغيير كامل للمسار ووسائله.
الثوري “مع فرق التوقيت” لديه أزمة في فهم اتجاه عقارب الساعة، فهو يتخيل أن غداً يمكن أن يأتي قبل اليوم، وأن التنفيذ يسبق التخطيط، وأن النظم السياسية “تترنح” قبل أن تواجّه في مفاصلها، وأن استجابة الناس لندائه تسبق صياغة خطاب يلامس اهتمامات الناس، وأن انضمام شركاء التغيير له يسبق محاولات جادة وناضجة لكسبهم!!
هو ثوري يظن أن بإمكانه الوصول إلى خط النهاية دون أن يشارك في السباق في كل مراحله، فقط سيذهب في الصباح المبكر ليكون أول شخص يقف على خط النهاية قبل أن تبدأ المباراة، فإن قلت له قف مع اللاعبين، يرد عليك: “مش وقته”، وإن نصحته بوجوب فهم قواعد اللعبة، والمشاركة في العدو حتى يفوز بإقرار من الجمهور والحكم؛ يصيح في وجهك “مش وقته”.. أنا بالفعل أقف الآن على خط النهاية على بعد متر واحد من الكأس… كان يمكن أن أجري مع اللاعبين لو لم أكن في هذا المكان. ولأنه في انتظار لحظة الغيبوبة وهويتسلم الكأس، فإنه يعتبر ما دون ذلك “مش وقته”..
سألت صاحبي – من فصيلة “مش وقته” – ذات يوم… ما رأيك في خطاب جامع يجمع كل القوى الراغبة في التغيير؟! فبخ تعويذة “مش وقته” في وجهي قائلاً:.. “للأسف كان هذا الكلام ممكناً من قبل.. لكنه اليوم لا يصلح.. مش وقته”..
صممت أن لا يفلت مني هذه المرة فرميته بسؤال آخر: متى كان هذا ممكناً في رأيك؟!
فرد متردداً: ربما قبل سبعة أشهر..
عدت أبحث في الإنترنت عن طبيعة الخطاب قبل سبعة أشهر، فوجدته يرم المخالفين بتهم العمالة والخيانة وإثارة الفوضى!! ربما لأن حينها.. كان الخطاب الجامع أيضاً “مش وقته”!!!!
وائل عادل
5/3/2014