قسم: مكتبة الأسئلة
أضيف بتاريخ: 5 مايو 2017
ويمكن تمييز وسائل حرب اللاعنف عن غيرها من الوسائل الدستورية الباردة المتعلقة بالحوار وتسوية النزاعات من حيث أنها:
1- فوق دستورية: لا تنفذ إلى الخصم عبر القنوات السياسية الدستورية التي يحددها (وإن كانت تستخدمها أحياناً)، كرفع الدعاوى القضائية وكتابة الخطابات والتصويت، بل تختط لنفسها قنواتها الخاصة التي تمكنها من تحقيق أهدافها. فاللاعنف يختلف عن الوسائل الدستورية الباردة التقليدية في أنه لا يحدَّد بما تسمح به الدولة، فقد يكون قانونياً أو غير قانوني، فنجد على سبيل المثال العصيان المدني الذي هو خرق جماعي للقوانين يعد نشاطاً أساسياً من أنشطة اللاعنف، كذلك نجد الإضرابات ضد نظام يُجرَِمها تدرج في أسلحة اللاعنف، بينما الإضرابات التي تحدث ضمن الأطر الرسمية في الدول الديمقراطية لا تعد عملاً لاعنيفاً، بل تصنف في الوسائل الدستورية التقليدية لأنها تتم في إطار رسمي للتعبير عن الرأي، وتندرج في قائمة الآليات المسموح بها. فاللاعنف يعمل على وضع قواعد جديدة للعبة الصراع السياسي، وإيجاد قنوات بديلة وفعالة لتمدين هذا الصراع عبر حرب تعتمد المواجهة مع الخصم باستخدام أسلحة اللاعنف.
2- حرب مواجهة: فأسلحة اللاعنف تسعى بجدية لخوض الصراع عبر مواجهة مدروسة، تتراوح بين المواجهة المباشرة وغير المباشرة، فهي تسعى لتقويض قوة الخصم والضغط عليه وإجباره على تغيير مواقفه أو تنفيذ مطالب المقاومة. وتوفر وسائل اللاعنف أسلحة قوية وفعالة لإدارة الصراع مع الخصم، وترفض صراحة الوسائل المتراخية أو الاستسلام.
3- غير متوقعة المسارات والنتائج: فالنتائج النهائية لاستخدام الوسائل الدستورية التقليدية تُحدَّد من خلال القوانين وقواعد الممارسة السياسية المتعارف عليها، بينما أساليب اللاعنف فوق الدستورية يصعب على الخصم التكهن بنتائجها لأنها لا ترتبط بقوانين أو قواعد يعرفها، ونتائجها مرتبطة بنمط الحوار الدائر عبر الأنشطة بين القوى المختلفة المشاركة في الصراع، ويعتبر غموض قواعد وقوانين حرب اللاعنف من أهم أسباب نجاحها، لأنها عادة تعتمد على استراتيجيات المفاجأة، والمخاطرة، وتقسيم القوات، وتغيير القواعد بحيث لا يتكهن الخصم بالخطوة اللاحقة للمقاومة.
4- توفر عنصر المخاطرة: ليس كل ما هو غير عنيف يطلق عليه "حرب اللاعنف"، فمن أهم ما يميز أسلحة اللاعنف وأنشطتها التي تتضمن المخاطرة؛ أنها ترتكز على فكرة المقاومة، وتقوم على العصيان، أي خرق المساحات المحرمة وكسر الخطوط الحمراء، فنتائجها مرتبطة بمدى القدرة على استثمار عواقبها، وعواقبها جزء لا يتجزأ عن النشاط، ولابد من استثمارها في إدراة حوار مع الجمهور والخصم والمجتمع الدولي.
من كتاب "أسلحة حرب اللاعنف" – أكاديمية التغيير