قسم: مكتبة الأسئلة
أضيف بتاريخ: 4 أبريل 2017
1- استراتيجية حركة لا استراتيجة فرد: فحتى يتحول عدم التعاون إلى ظاهرة عامة تحدث تأثيراً حقيقياً، فإنه ينبغي أن يتخذ القرار بشأن استراتيجية التعاون الكامل أو المقيد أو عدم التعاون بشكل جماعي لا فردي،بمعنى أن يكون استراتيجية حركة لا استراتيجة فرد، حيث أن اتخاذ قرار اللاتعاون مثلاً بشكل فردي قد يضر بصاحبه أشد الضرر رغم عدم احتياج الحركة إليه في المرحلة الراهنة كما أنه لن يحدث التأثير المطلوب، كما أن اتخاذ قرار اللاتعاون بشكل جماعي يمثل إزعاجاً ومشكلة للنظام، ويعطي مصداقية وشرعية لممارسيه.
2- الحفاظ على ثوابت الحوار في اللاعنف: ففي حالة اختيار استراتيجية التعاون لابد أن تكون المعلومات التي تعطى للمحققين صحيحة، فلابد من الابتعاد عن الكذب أو أنصاف الحقائق، فاستراتيجية اللاعنف تستمدقوتها من قوة الحقيقية والمواجهة والمجابهة المفتوحة واللاتعاون، وليس من خلال المراوغة أو التهرب والتحايل، فلابد من الحفاظ على ثوابت أسلوب اللاعنف المتمثلة في الأمانة والصراحة المباشرة في طرح القضية خلال تعامل نشطاء الحركة مع الموظفين المسئولين عن تطبيق القانون.
وتكمن المشكلة هنا في أنه في أغلب الأحيان يكون الكذب أسهل من إعلان رفض التعاون، فعلى سبيل المثال إذا ما سئل المعتقل عن شخص ما فإن الاسهل أن ينفي معرفته به من أن يواجه المحققين بأنه يرفض الإجابة والتعاون.
3- تأمين قنوات الاتصال: لابد من العمل على إيجاد قنوات اتصال بين المعتقلين وبين نشطاء الحركة التغييرية في الخارج قبل البدء في الأنشطة، وهذا الاتصال قد يكون من خلال المحامين أو رجال الشرطة المتعاطفين أو المعتقلين الجدد أو المفرج عنهم، وهذ التفكير في كيفية الاتصال في حالة حدوث الاعتقالات ينبغي أن يشمل أيضاً مجموعات العمل الصغيرة، فعلى كل مجموعة أن تفكر في تأمين قنوات اتصالها.
4- المتابعة والتوثيق وتوفير الاستشارات: في الأنشطة الكبيرة لابد أن توفر الحركة التغييرية الاستشارة القانونية في موقع الحدث (مكان تنفيذ النشاط) لإعلام النشطاء بما عليهم فعله خلال اعتقالهم. كما يجب أن تكون هناك مجموعة مختصة بمراقبة ساحة الفعل، فتوثق أسماء وصور المعتقلين والقائمين على عملية الاعتقال، وتوثق أي ارتفاع لمستوى العنف أو القمع.
وقد لا يحتاج النشطاء إلى محامين إذا اختاروا استراتيجية عدم التعاون، ولكن إمدادهم بالاستشارة القانونية أو وجود محام متعاطف معهم أو مؤيد لموقفهم قد يساعدهم على التعامل بحنكة أكثر مع النظام القانوني القائم.
5- بناء قدرة الحركات التغييرية على مواجهة القمع: من خلال التدريب، حيث تتدرب مجموعات على مناقشةهذه المسائل القانونية، وبخاصةً الجزئية المتعلقة بعدم التعاون والموقف من المحاكمات. وعلى قائد المجموعة أن يضع مجموعة من المواقف الافتراضية وأن يرى كيف سيتجاوب أفراد المجموعة مع مثل هذه المواقف. وتجدر هنا الإشارة إلى أن حركات اللاعنف تصدر لنشطائها دليل (Manual) يدرس للنشطاء ويتدربوه عليه.
6- المحافظة على القيادة والأطراف: لابد أن ترسم الحركات التغييرية خطة للرد على النظام منطلقةً من كون كل أفراد المقاومة – سواءً كانوا في القيادة أو في الأطراف – على نفس الدرجة من الأهمية الاستراتيجية، فحين يكون رد فعل الحركة مقصوراً عند استهداف أفراد من القيادة يقوم النظام باستهداف الأطراف، فإذا لم تستجب الحركة تتمادى الحكومة في اضطهاد الأطراف، وشيئاً فشيئاً تنصرف الأطراف عن الحركة فتجد القيادة نفسها وحيدة في مواجهة النظام، الذي سرعان ماينفرد بها ويفنيها بعد أن فرطت في مصدر قوتها.
7- تقويض شرعية النظام: من خلال سعي الأطراف المقاوِمة إلى تفنيد الغطاء الأخلاقي والقانوني اللذين استخدمهما النظام أمام المجتمع الدولي والمحلي والنيل من هيبته وتبيان عدم شرعيته.
8- وضوح الرؤية لدى المجموعات المختلفة: من خلال إمداد النشطاء باستراتيجية توضح الخطوط والمبادئ الكبرى (تتناول أسس ومبادئ أسلوب اللاعنف وتوفر رؤية شاملة لخارطة الصراع وتحدد الاتجاهات الداعمة لنشاطات المقاومة)، وتزويدهم بالأجوبة الضرورية حول الأسئلة المطروحة على الساحة، مثل رؤية الحركة، وكيفية بلوغ أهدافها، وموقفها من الأطراف المختلفة، والمراحل التي سيمر بها التغيير، والمرحلة التي تعمل فيها الحركة في الفترة الراهنة، والموقف من أهم القضايا المطروحة، وتفنيد شبهات الخصوم بشكل علمي منطقي.
وتوفير مثل هذه الأجوبة يكسب النشطاء قوة إقناعية ووعياً بما يدعون إليه، ويظهرههم كوحدة واحدة، ويمكن أن توفر هذه الأجوبة المتجددة عبر الإنترنت، بحيث تكون ملكاً لكل النشطاء.
9- الرمزية: فحملة مواجهة القمع واستراتيجية اللاتعاون وتقويض شرعية النظام في بدايتها لابد أن تركز على إظهار إمكانية الفعل وخلق حوار مع الجماهير لإقناعها بالمشاركة في الصراع لصالح المجتمع، لا سيما وإن أحسنت المقاومة استخدام الرمزية لتبين فاعلية العمل إن شارك فيه المجتمع. كما يمكن تطبيق عدم التعاون الجسدي خلال عمليات ووقت الاحتجاز، وهذا يتضمن رفض المشي والأكل والنظافة الشخصية أو نظافة المكان المحيط، وهذا قد يؤدي إلى محاولة مسئولي السجن إجبار النشط السياسي السجين على الأكل ووضع حفاظات له.
ويعد الصيام من أحد أشكال اللاتعاون، ويقصد به الامتناع عن الطعام والسوائل ما عدا الماء، وبينما يمثل الامتناع عن الغذاء إزعاجاً لسلطات السجن كونه يمثل خطورة على حياة السجين، فإن الامتناع عن الغذاء والسوائل كلية وحتى الماء أشد خطورة، حيث أن السجين لن يعيش لفترة طويلة، ولذلك فإن السلطات تراقب الأشخاص الذين يهددون ويلوحون باستخدام "صيام الماء" فيدخلونهم المستشفيات حرصاً على حياتهم، ولكن يجب على المتظاهر ألا يعتمد على هذه الوسيلة لجذب الانتباه، بل يجب أن يكون قادراً على وقف الصيام أو أن يكون عازماً على الاستمرار حتى الموت، كما فعل مقاتلو الحرية في أيرلندا في عام 1981م.
وعدم التعاون قد يأخذ أشكالاً أخرى وينتج عن أسباب أخرى، فرفض الفرد إعطاء اسمه لا شك أنه ينبع من رغبته وتصميمه على المقاومة والتغلب على النظام الذي يلفق محاضر إجرامية للناس، ويصنفهم ويتجسس عليهم، ويعاقب المنظمين والمخالفين للقانون بعنف وصرامة أشد. وهذا ينقل رسالة للنظام مفادها أنه لا أحد منا سيتعاون مع النظام وأن هذا الأمر سيتكرر المرة بعد المرة.
ومع ذلك فكثير من نشطاء الحركة التغييرية اللاعنيفة يعملون بانفتاح وثقة، ولا يحاولون إخفاء شخصياتهم وهو ما يميز ويقوي أنشطة اللاعنف، ويطبقون ما يطلق عليه "التعاون المقيد" فيرفضون البوح بعناوينهم أو رفض إعطاء الوعود بالعودة للمحكمة، وهذا يزيد العبء على المحاكم لضرورة التعامل السريع مع المتظاهرين، كما أنه يعزز التضامن بين النشطاء ويزيد من وحدتهم.
من كتاب "حلقات العصيان المدني" – أكاديمية التغيير